محمد رفعت 30 أغسطس 2023

في مفاجأة صادمة، أطاحت مجموعة من ضباط الجيش الغابوني بالرئيس علي بونغو، الذي كان قد فاز بولاية رئاسية ثالثة في انتخابات مثيرة للجدل.

وأعلن الضباط في بث تلفزيوني أنهم تولوا السلطة لإنهاء حكم عائلة بونغو، التي تسود البلاد منذ أكثر من نصف قرن.

وأغلقوا الحدود وحلّوا المؤسسات الدستورية والقضائية. وقالوا إنهم يسعون إلى تشكيل حكومة انتقالية تضم ممثلين عن المجتمع المدني والمعارضة.

غنية بالموارد وفقيرة بالديمقراطية

تعد الجابون دولة غنية بالموارد الطبيعية، خاصة النفط والمنغنيز، والتي تشكل مصدر رئيسي لإيراداتها.

وقد شهدت الغابون نمواً اقتصادياً مستقراً في السنوات الأخيرة، حيث استفادت من ارتفاع أسعار السلع الأساسية والإصلاحات الهيكلية.

وقد سجلت فائضاً في الميزانية في عام 2022، لأول مرة منذ انخفاض أسعار النفط في عام 2014.

ولكن هذه الثروة لم تصل إلى جميع شرائح المجتمع، حيث يعاني نحو ثلث سكان الغابون من الفقر.

كما تعاني الغابون من نقص في الخدمات الأساسية، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.

وقد تضرر اقتصادها بشدة من جائحة كورونا، التي أثرت على سلاسل التوريد والطلب على المنتجات. وزادت أزمة أوكرانيا من ضغط أسعار الطاقة والغذاء على المستهلكين.

ولا تقتصر المشكلات على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تمتد إلى الجانب السياسي أيضاً.

فالجابون تشهد حالة من التدهور الديمقراطي، حيث يحكمها نظام شبه دكتاتوري يقوده عائلة بونغو.

فقد تولى علي بونغو رئاسة البلاد في عام 2009، خلفاً لوالده عمر بونغو، الذي توفي في نفس العام بعد حكمه للبلاد لأكثر من 40 عاماً.

وقد واجه علي بونغو احتجاجات ومقاضاة من قبل المعارضة، التي تتهمه بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان والتلاعب بالانتخابات. وقد أثار غيابه عن البلاد لأكثر من شهرين بسبب مرضه شكوكاً حول قدرته على ممارسة مهامه.

الانقلاب.. تعبير عن الاستياء أم محاولة للاستيلاء على السلطة؟

من جانبهم، أكد مراقبون إن حتى الآن لا يزال غير واضح ما هي دوافع وأهداف المنقلبين، وما هي قوتهم وشعبيتهم.

فقد قالوا إنهم يمثلون جميع قوات الأمن والدفاع الغابونية، وأنهم يحظون بدعم شعبي واسع. كما قالوا إنهم يريدون إنهاء حكم عائلة بونغو وإقامة نظام ديمقراطي جديد.

وأعلنوا عزمهم على تشكيل مجلس انتقالي يضم ممثلين عن المجتمع المدني والمعارضة.

وأضافوا أن هذه التصريحات تبدو متناقضة مع حقيقة أن المنقلبين أغلقوا الحدود وحلّوا المؤسسات الدستورية والقضائية.

متسائلين، إذا كانوا يسعون إلى تحقيق التغيير الديمقراطي، فلماذا لم يحترموا نتائج الانتخابات، التي أظهرت فوز بونغو بأكثر من 60% من الأصوات؟ ولماذا لم يدعوا إلى حوار وطني أو استفتاء شعبي؟

وأشاروا إلى أن قادة الإنقلاب يستغلون الفرصة التي سنحت لهم في ظل ضعف بونغو الصحي والسياسي.

تاريخ الجابون

الدولة الواقعة في غرب وسط إفريقيا، إحدى أكثر دول المنطقة ازدهاراً، والأعلى في مؤشر التنمية البشرية في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء.

وساعد في ذلك الكثافة السكانية الصغيرة – التي تقدر بنحو 2.3 مليون نسمة – إلى جانب الموارد الطبيعية الوفيرة، خاصة النفط، حتى إنها باتت تعرف بـ “عملاق النفط” الإفريقي.

تبلغ مساحتها 270 ألف كم2 تقريباً، ويحدها خليج غينيا من الغرب وغينيا الاستوائية إلى الشمال الغربي والكاميرون إلى الشمال والكونغو من الشرق والجنوب.

استقلت عن فرنسا عام 1960، ومنذ ذلك التاريخ حكمها ثلاثة رؤساء فقط، بداية من ليون مبا عام 1961. المتهم بتطبيق نظام حكم “ديكتاتوري سعى لضمان المصالح الفرنسية”.

وبعد وفاته عام 1967 حل مكانه عمر بونغو حتى وفاته عام 2009. ثم نجله الرئيس الحالي علي.

وقد عادت الغابون رسمياً إلى منظمة الدول المصدرة للنفط”أوبك” عام 2016، بعد أن كانت عضواً سابقاً فيها بين 1975 و1995، وتركت مؤقتاً بسبب الرسوم السنوية المرتفعة.

وبلغ إنتاج الغابون من الغاز الطبيعي 454 مليون متر مكعب بنهاية 2021، ارتفاعاً من 80 مليون متر مكعب فقط في 2010، وفقاً لتقرير “أوبك” السنوي.

وهي تمتلك 26 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة بنهاية 2021، معظمها في حقول النفط.

وتعتمد الحكومة الغابونية بشكل كبير على إيرادات النفط الخام، والتي تمثل مع إيرادات السوائل الأخرى قرابة 45% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

صادرات الغابون من النفط والسوائل الأخرى شكّلت ما يقرب من 79% من إجمالي إيرادات الصادرات خلال عام 2021.

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version