27 أغسطس 2023

ليس من السهل العثور على أعمال أدبية أفريقية مكتوبة باللغة العربية، فقد يكون هذا الأدب حديث النشأة، أو محصورا في موضوعات تتعلق بالواقع الأفريقي ومشاكله من ظلم وهجرة وتشريد، أو قد يكون هناك نقص في الترويج لهذا الأدب الذي لا يعرفه كثير من القراء العرب.

كما أن الترجمة من اللغات الأخرى التي يكتب بها الأدباء الأفارقة مثل الفرنسية والإنجليزية، إلى اللغة العربية قليلة جدا، وتقتصر على بعض الأسماء المشهورة مثل وول سوينكا وتشماماندا أديتشي وتشينوا أتشيبي وعبد الرزاق جرنة.

ولكن في رحلة البحث عن المؤلفين الأفارقة المتحدثين باللغة العربية، نجد أن هناك عددا منهم من دول مختلفة مثل نيجيريا وغينيا وتشاد والسنغال والنيجر ومالي والصومال، لكنهم لا يحظون بالانتشار والشهرة التي تليق بهم. وقد انتشرت اللغة العربية في أفريقيا مع دخول الإسلام، لكنها تعرضت للضغط من قبل لغات المستعمرات التي أصبحت لغات رسمية في بعض الدول.

فما هي التحديات التي تواجههم ككتاب باللغة العربية؟ ما هو سبب غياب صوتهم عن المشهد الأدبي العربي؟ هل استفادوا من التطور التكنولوجي لإبراز هوية المثقف الأفريقي.

 

مريم أبكر نكور.. شاعرة تشادية تطمح للانتشار

مريم أبكر نكور هي شاعرة تشادية تعشق اللغة العربية منذ طفولتها في ليبيا، حيث تعلمتها وتذوقت شعرها. وهي تكتب قصائد عن حبها لوطنها وحزنها على مصائبه. وتعتبر نفسها من المحظوظات لأنها تستطيع التعبير عن مشاعرها باللغة التي تحب.

ولكن نكور تشعر بالإحباط من قلة اهتمام القارئ التشادي والعربي بالأدب التشادي المكتوب باللغة العربية. وتقول إن هذا يرجع إلى عزلة تشاد عن باقي دول أفريقيا والعالم العربي.

وإلى جهل كثير من المثقفين بحضارة وثقافة تشاد. كما تشير إلى صعوبة نشر كتاباتها في دور نشر عربية، خصوصًا في ظل احتكار بعض الأسماء المشهورة للسوق.

ولذلك، تحلم نكور بإطلاق مجلة أدبية تشادية على شبكة الإنترنت، تضم كتابًا من مختلف التخصصات واللغات، وتهدف إلى تعريف العالم بالأدب التشادي والأفريقي. وتقول إنها تريد أن تكون جسرًا بين الثقافات، وأن تساهم في نشر السلام والتسامح بين الشعوب.

 

تحديات الأدب النيجيري باللغة العربية

من جانبه، يقول الشاعر والناقد النيجيري عبد الرحيم مدثر عن الأدب النيجيري المكتوب باللغة العربية، والصعوبات التي يواجهها، والملامح التي تميزه، إن الأدباء النيجيريين الذين يكتبون باللغة العربية يعانون من أربعة تحديات رئيسية هي: أن اللغة العربية ليست لغتهم الأم، وأنهم يجدون صعوبة في اختيار الكلمات المناسبة للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم، وأنهم لا يفرقون بين اللغة العامية واللغة الأدبية، وأنهم يستخدمون اللغة المثالية في غير موضعها.

وأضاف مدثر أن التجربة الشعرية في نيجيريا تتسم بانزياح اللغة عن ثقافتها، واستخدام كلمات فنية ذات دلالات خاصة، وخلط بين التراث العربي والتراث الغربي، واللجوء إلى المناجاة وفنونها، والسعي إلى التفلسف وطرق تقديمه.

وأشار مدثر إلى أن سبب عدم إطلاع القارئ العربي على الأدب النيجيري المكتوب باللغة العربية هو عدم استخدام كلمات معاصرة ومتداولة، وضعف ثقافة الشاعر عن بيئته، ومحاولته ترجمة اللغة المحلية إلى اللغة العربية.

وذكر مدثر أن بداية الكتابة باللغة العربية في نيجيريا كانت في عصر الاستقلال، ويرجع مدثر – ناقد يقيم في مدينة أَوْيَوْ النيجيرية ـ بدايات الكتابة بالعربية في نيجيريا إلى عصر الاستقلال وهي التي بدأت بالمسرحيات النثرية على أيدي كبار اللغويين الأكاديميين أمثال “العميد المبجل” (1994) للأستاذ الدكتور زكريا حسين، و”الأستاذ رغم أنفه” (2001) للإمام اللغوي مسعود عبد الغني، و”قَدْ غارت النجوم” (2005) للشيخ عبد الغني أَلَبِيْ، و”العجيب والنجيب” (2005) للسيد أحمد سعيد الرفاعي، وغيرها.

المرأة السنغالية تبحث عن صوتها في الأدب العربي

في السياق ذاته، تحدث الباحث والروائي السنغالي عمر لي عن واقع الأدب النيجيري المكتوب باللغة العربية، والتحديات التي يواجهها، وخصوصية التجربة النسائية فيه.

وأكد لي أن المجتمع السنغالي هو مجتمع محافظ يفرض قيودا على صوت المرأة من أجل حفظ توازنه، مما دفع الكاتبات السنغاليات إلى استخدام الأدب كوسيلة للتعبير عن مطالبهن وانشغالاتهن.

وأشار لي إلى أن أشهر رواية نسائية سنغالية هي “رسالة طويلة جدا” لماريام با، التي نشرت عام 1979 باللغة الفرنسية، وتنتقد فيها المجتمع الذكوري الذي يقمع حقوق النساء. وقال إن هذه التجربة لم تجد نظيرها في الأدب العربي، حيث لم تصدر أي رواية أو قصة أو ديوان شعر باللغة العربية من تأليف امرأة سنغالية حتى الآن.

وذكر لي أن الأدب السنغالي باللغة العربية لم يظهر إلا في فترة متأخرة، وأن أولى المؤلفات كانت مسرحيات نثرية من تأليف لغويين أكاديميين. وقال إن أول رواية عربية سنغالية كانت “إلى أين” للصحفي الحاج سيلا، التي نشرت في نهاية القرن الماضي، وهي رواية سيرة ذاتية. وأضاف أن هذه التجربة استمرت برواية “جريمة ولكن” و”الهاربات من الجنة” للروائي أبو بكر إبراهيم أنجاي، التي حصلت على جائزة أفرابيا.

ولفت لي إلى أن التطور التكنولوجي ساعد المثقفين السنغاليين على نشر أعمالهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإلكترونية، لكنه قال إن هذه الإستفادة لا تزال ضع

وأشار إلى أن الجيل الجديد استطاع الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية من أجل إيصال صوت المثقف، وذلك بنشر أعمال أدبية تقدم الثقافة والتاريخ السنغاليين إلى العالم العربي، بيد أن استفادة الجيل الجديد من التكنولوجيا لا يزال باهتا.

 

 

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version